responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 410
[سورة إبراهيم (14) : آية 4]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
هَذَا مِنْ لُطْفِهِ تَعَالَى بِخَلْقِهِ أَنَّهُ يُرْسِلُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا مِنْهُمْ بِلُغَاتِهِمْ، لِيَفْهَمُوا عَنْهُمْ مَا يُرِيدُونَ، وَمَا أرسلوا به إليهم، كما روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ [1] : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍ قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيًّا إِلَّا بِلُغَةِ قَوْمِهِ» . وَقَوْلُهُ:
فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ أَيْ بَعْدَ الْبَيَانِ وإقامة الحجة عليهم، يضل الله مَنْ يَشَاءُ عَنْ وَجْهِ الْهُدَى، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى الْحَقِّ وَهُوَ الْعَزِيزُ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، الْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ، فَيُضِلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِضْلَالَ وَيَهْدِي مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ.
وَقَدْ كَانَتْ هذه سنته فِي خَلْقِهِ أَنَّهُ مَا بَعَثَ نَبِيًّا فِي أُمَّةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِلُغَتِهِمْ، فَاخْتَصَّ كُلَّ نَبِيٍّ بِإِبْلَاغِ رِسَالَتِهِ إِلَى أُمَّتِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَاخْتَصَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُمُومِ الرِّسَالَةِ إِلَى سَائِرِ النَّاسِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خاصة وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» [2] وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. وَقَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الْأَعْرَافِ: 158] .

[سورة إبراهيم (14) : آية 5]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا أَرْسَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وأَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، تَدْعُوهُمْ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَا موسى إلى بني إسرائيل بآياتنا، قال مجاهد:
هي التسع الآيات [3] أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ أَيْ أَمَرْنَاهُ قَائِلِينَ لَهُ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أَيِ ادْعُهُمْ إِلَى الْخَيْرِ لِيَخْرُجُوا مِنْ ظُلُمَاتِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ إِلَى نُورِ الْهُدَى وَبَصِيرَةِ الْإِيمَانِ.
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ أَيْ بِأَيَادِيهِ وَنِعَمِهِ عَلَيْهِمْ فِي إِخْرَاجِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ أَسْرِ فِرْعَوْنَ وَقَهْرِهِ وَظُلْمِهِ وَغَشْمِهِ، وَإِنْجَائِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ عَدْوِهِمْ، وَفَلْقِهِ لَهُمُ الْبَحْرَ، وَتَظْلِيلِهِ إِيَّاهُمْ بِالْغَمَامِ، وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ، قال ذلك مجاهد [4] وقتادة وغير واحد.

[1] المسند 5/ 158.
[2] أخرجه البخاري في التيمم باب 1، ومسلم في المساجد حديث 3، 5، والترمذي في السير باب 5.
[3] انظر تفسير الطبري 7/ 416.
[4] انظر تفسير الطبري 7/ 418.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست